بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسوله الذي أصطفى و بعد :
في الأيام المتبقية بإذن الله تعالى
نعرض بعض من الصفات المذمومة
هناك العديد من الصفات المذمومة التي ذمها و حذرنا منها الله سبحانه تعالى في كتابه الكريم كما ذمها و حذرنا منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة و رتب الله عليها آثام عظام و تترتب عليها الكثير من المضار ، و يسعدني هنا أن أقدم لكم بعضا منها بإذن الله تعالى كل اثنين و خميس و نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .
الوسوسة
الوسوسة لغةً :
الوَسْوَسَةُ: مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: وَسْوَسَ يُوَسْوِسُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَادَّةِ ( و س س ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ غَيْرِ رَفِيعٍ: يُقَالُ لِصَوْتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاسٌ، وَهَمْسُ الصَّائِدِ: وَسْوَاسٌ، وَإِغْوَاءُ الشَّيْطَانِ ابْنِ آدَمَ وَسْوَاسٌ(1).
يُقَالُ: وَسْوَسَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَسْوَسَةً وَوِسْوَاسًا .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَسْوَسَةُ فِي التَّنْزِيلِ هُوَ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي الْقَلْبِ(2).
وَالْوَسْوَسَةُ: الكَلاَمُ الخَفِيُّ فِي اخْتِلاَطٍ . وَوُسْوِسَ بِهِ - بِالضَّمِ: اخْتَلَطَ كَلاَمُهُ وَدُهِشَ . وَالمُوَسْوِسُ: الَّذِي تَعْتَرِيهِ الوَسَاوِسُ . وَوَسْوَسَ: إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ(3). وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم ، وَسْوَسَ نَاسٌ، وَكُنْتُ فِيمَنْ وُسْوِسَ، يُرِيدُ أَنَّهُ اخْتَلَطَ كَلاَمُهُ وَدُهِشَ بِمَوْتِهِ صلى الله عليه و سلم ، وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ }. قَالَ القُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ وَسْوَسَ إِلَيْهِمَا، قِيلَ دَاخِلَ الجَنَّةِ، وَقِيلَ مِنْ خَارِجٍ بِالسَّلْطَنَةِ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ، وَالوَسْوَسَةُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ وَهِيَ أَيْضًا حَدِيثُ النَّفْسِ(4)، وَالْوَسْوَسَةُ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَالأَفْكَارُ ( السَّيِّئَةُ الَّتِي تُرَاوِدُهَا ) وَرَجُلٌ مُوَسْوِسٌ: غَلَبَتْ عَلَيهِ الْوَسْوَسَةُ، أَوِ الَّذِي تَعْتَرِيهِ الْوَسَاوِسُ، وَقَوْلُهُمْ: وَسْوَسَ الرَّجُلَ: أَيْ كَلَّمَهُ كَلاَمًا خَفِيًّا، وَوَسْوَسَ الرَّجُلُ ( بالضم ) إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ(5).
الوسوسة اصطلاحا :
الْوَسْوَسَةُ وَالْوَِسْوَاسُ: مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي الْقَلْبِ(6).
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْوَسْوَسَةُ: الْخَطْرَةُ الرَّدِيئَةُ(7).
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْوَسْوَسَةُ: الإِلْقَاءُ الْخَفِيُّ فِي النَّفْسِ إِمَّا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ لاَ يَسْمَعُهُ إِلاَّ مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ، وَإِمَّا بِغَيْرِ صَوْتٍ كَمَا يُوَسْوِسُ الشَّيْطَانُ إِلَى الْعَبْدِ(
.
أنواع الوسوسة :
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } : يَعْنِي أَنَّ الْوَسْوَاسَ نَوْعَانِ: إِنْسٌ وَجِنٌّ، فَإِنَّ الْوَسْوَسَةَ الإِلْقَاءُ الْخَفِيُّ، لَكِنَّ الإِلْقَاءَ الإِنْسِيَّ بِوَاسِطَةِ الأُذُنِ، وَالْجِنِّيُّ لاَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا.
الفرق بين الوسوسة و الإلهام و ما أشبههما مما يقع في النفس :
تُقَالُ الْوَسْوَسَةُ لِمَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّرِّ، أَمَا الإِلْهَامُ فَهُوَ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ، وَلِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْخَوْفِ إِيجَاسٌ، وَلِمَا يَقَعُ مِنْ تَقْدِيرِ نَيْلِ الْخَيْرِ أَمَلٌ، وَلِمَا يَقَعُ مِنْ تَقْدِيرٍ لاَ عَلَى الإِنْسَانِ وَلاَ لَهُ خَاطِرٌ(9).
الآيات الواردة في الوسوسة :
أورد المؤلفون آيات كثيرة نورد منها الآتي :
1) ( وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى(119)فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى(120)فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى(122) ) ( طه )
2) ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16)إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ(17)مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18))( ق )
3 ) ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(1)مَلِكِ النَّاسِ(2)إِلَهِ النَّاسِ(3)مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ(4)الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ(5)مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6) ) ( الناس )
الأحاديث الواردة في ذم الوسوسة :
أورد المؤلفون أحاديث كثيرة نورد منها الآتي : -
1- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ: [ إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ أَحَالَ (3) لَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ. فَإِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ. فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ ] )*( البخاري - الفتح3(1)، ومسلم(9) واللفظ له. ).
2- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم : [ إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ - أَوْ حَدَّثَتْ - بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّم ] ) *( البخاري - الفتح1(4). ).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الوسوسة"
( نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَىَ { الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ } (الناس/4) قَالَ: الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ ابنِ آدَمَ. فَإِذَا سَهَا وَغَفَلَ وَسْوَسَ. فَإِذَا ذَكَرَ خَنَسَ)*( تفسير ابن كثير(4/5). ).
من مضار الوسوسة :
(1) طَرِيقٌ إِلَى الشَّكِّ. وَالشَّكُ فِي اللهِ كُفْرٌ.
(2) تُفْقِدُ الإِنْسَانَ ثِقَتَهُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ.
(3) يَنْفُرُ النَّاسُ مِنْ صَاحِبِ الْوَسْوَاسِ وَيَبْتَعِدُون عَنْهُ.
(4) المُوَسْوِسُ لاَ تَكْمُلُ لَهُ عِبَادَةٌ وَلاَ يَسْتَقِرُّ لَهُ فِكْرٌ.
(5) يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي دَائِرَةِ الْمَحْظُورِ.
(6) قَدْ يَصِلُ الأَمْرُ بِالْمُوَسْوِسِ إِلَى الْهَلْوَسَةِ ثُمَّ الْجُنُونِ.
1 ) المقاييس (6/6).
2 ) البصائر (5/8).
3 ) التاج (9/1).
4 ) تفسير القرطبي (7/1).
5 ) لسان العرب (6/0).
6 ) بصائر ذوي التمييز (5/8).
7 ) المفردات للراغب (2)، وانظر التوقيف (7).
8 ) مخطوط هدية المحب ( ورقة 4)
9 ) الكليات للكفوي (1).
و الحمد لله رب العالمين
موسوعة ( نظرة النعيم )
في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلّى الله عليه و سلّم (12 مجلد )
إعداد مجموعة من المختصين بإشراف
صالح بن عبد الله بن حُمَيْد (إمام و خطيب الحرم المكي )
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن مَلُّوح(مدير دار الوسيلة للنشر و التوزيع)
دار الوسيلة للنشر و التوزيع
جدة المملكة العربية السعودية